عرض مشاركة واحدة
قديم 02-11-2004, 02:39 AM   #3
ابن الرياض
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية ابن الرياض
ابن الرياض غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1720
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 21-08-2011 (01:36 PM)
 المشاركات : 2,730 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


حسنا إليك تصرفي وسأجعله في نقاط عشر ، وأتمنى أن أكون فيه موفقا بإذن الله :

1- في مجتمعنا لا عجب من كثرة الشكوى من غضب الأطفال, وعدم وجود آلية لدى الآباء في تعاملهم مع أبنائهم .فقد يغضب طفلك منك ويصدر أوصاف بشعة فنرد عليهم بأوصاف أبشع ، وأحيانا الضرب والحجة في ذلك : سوء الأدب من الطفل, وأن هذا من تأديبه, وحسن تربيته.وعند التحقيق نجد ذلك هو عبارة عن رد فعل عاجز من الأبوين, بيد أنه خرج في صورة شائهة يقال لها: تربية، بينما هو يزيد من المسألة سوءا وضررا .

2- هناك إشكالية تحدث عند كثير من الآباء وهي حيرتهم في الواجب عليهم أولاً.
هل هو التركيز على سبب الغضب لدى الطفل, أو التركيز على غضب الطفل نفسه؟
وفي تقديري أن البحث عن حل لسبب الغضب هو الأولى والأجدى من معالجة حالة الغضب نفسه؛ فإن قطع المادة المؤدية لأي مشكلة هو حل للمشكلة والقضاء عليها.
إن الكبار لا يمتلكون آلية أو ملكة ليتحكموا بها في غضبهم؛ فكيف بالصغار؟!
وتربية الطفل على الهدوء وسعة الصدر والتعامل مع الأشياء بأريحية وتلقائية شيء مهم, والطفل الذي يربى على عكس هذه المعاني لا وسيلة عند غضبه إلا تهدئته أولاً ثم التعامل مع سبب غضبه.
بل الأدهى إذا كان الأب من طبعه الغضب, أو لا يستطيع أن يتمالك نفسه, ويمسك بزمامها عند انفعاله فكيف يلوم طفله على الغضب, وهو قدوته ونموذجه الأعلى, رباه على عينه, ونمّاه على طريقته؟ ألا يصح أن تقول له: أيها الطبيب عالج نفسك؟!

3- لماذا لا نستعمل لغة الحوار مع أطفالنا في حال غضبهم؛ فهي أجدى من لغة الصياح والبكاء؟! ثم لا شيء غير العقد النفسية والاضطرابات، ولا جَرَم. فلغة الحوار موجودة في القرآن بين رب العالمين وملائكته وأنبيائه ورسله حتى نجد لغة الحوار بين الأنبياء والطيور، كما حدث مع سليمان والهدهد.
أفلا نكون نحن أولى بذلك مع أطفالنا وفلذات أكبادنا؟!

4- من الخطأ الكبير احتقار طفلك وعدم الأخذ برأيه ، بل عود طفلك أن يعبّر لك عن مشاعره في حالة الغضب بدل الصياح والصراخ .

5- من الخطورة بمكان أن يفقد الطفل شعور الحب من والديه حتى أثناء تعنيفه أو معالجة غضبه؛ فينبغي أن يكون هذا الشعور هو السمة الغالبة في كل دواء، خاصة وأن ابنك يملك قلبك بحبك له فرغم صغره إلا أنه يملك بعض التصرف فيك ، كما يجب أن يشعر الطفل بأنه يعيش جواً من الحرية المنضبطة بعيداً عن القهر والسلطوية اليومية التي لا تشعر بها في حين أنها تكبت مشاعره ونفسيته.

6- إذا عرفت سبب غضب طفلك فحاول أن تبسّط الأمر وتنزل إلى مستوى عقله ولا تعامله من حيث أنت، بل عامله من حيث هو مهما كانت تفاهة الأمر، بل وأكثر الثناء على طفلك عندما يكون هادئاً، ولا تأل في ذلك جهداً, بكل عبارة وتعبير باليد أو والوجه وغير ذلك.

7- في إحدى الإحصائيات أن 70% من أطفال الخليج يعانون من اضطرابات نفسية.

فنحن بين طرفي نقيض إما إفراط معقد أو تفريط مخل، والسماوات والأرض قامتا على العدل .

وأعرف بعض الفضلاء ممن يلاحق طفله بالتربية حتى إنه لو استطاع أن يعد عليه أنفاسه لعدها يأتي إلي وقد اصفر لون ابنه, وشحب وجهه, وظهرت عليه علامات الاضطراب فوالده يأبى إلا أن يتصرف طفله من خلال عقل أبيه, لا من عقل ابنه الصغير.

8- علم طفلك أن يغيّر من حالته عند الغضب بأن يتوضأ مثلاً, أو يجلس إن كان قائماً, أو يقوم إن كان جالساً أو يمسك كتاباً أو غيره؛ فإن فعل وهدأ غضبه؛ فانتهز الفرصة وشجعه وقدم له هدية، ولو القلم الذي في جيبك، وحاول أن تنفذ مع طفلك لعبة الأدوار بأن تقوم بدور الغاضب واجعله يهدئ من غضبك, واسمح له بأن يتبع الأسلوب الذي يراه هو مناسباً، ومن الجيد أن تعود الطفل أن يقول: أنا غاضب من كذا بدلاً من أن يعبر عن ذلك بالصراخ.

9- أسلوب الأوامر لا ينفع في كل الأحوال, وما أحسن أن نبتعد عن مثل قولنا: اسكت، امش من أمامي الآن، لو أمسكتك لكسرت رأسك، لا تتحدث معي بهذه الطريقة الوقحة.بل يجب أن نتبدل به بمثل: تعالى يا حبيبي، أنا أبوك وحبيبك، أنا أتأثر بغضبك فلا تتعب مشاعري، المهم أن تجعله يتعاطف معك؛ فطفل اليوم هو رجل الغد الذي قد تندم أنك لم تعوده التعاطف معك يوماً من الدهر.

10- خلق الصبر مهم جداً في تعاملنا مع أبنائنا؛ فالطفل نفسه هلامية وروحه تواقة, وخيالاته لا حدود لها، فمن الخطأ أن تأطره على أخلاق الكبار وهو بعد لم يميز ما يضره مما ينفعه، ومن هنا ندرك سر نزول النبي -صلى الله عليه وسلم- لابنيه الحسن والحسين من على المنبر وأمامه أكابر الصحابة وأفاضلهم ثم ألا ترى الجارية الحديثة السن تأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فيذهب معها النبي حيثما شاءت. وهذا أنس يقول فيما رواه مسلم: والله ما رأيت أحداً أرحم بالعيال من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فهو يحب الأطفال ويبكي لموت ابنه إبراهيم, ويبعث الصحابة إليه بأطفالهم أول ما يولدون؛ فيحنكهم ويدعو لهم، ويغير أسماءهم أحياناً إلى أحسن الأسماء, ويلاطفهم ويداعبهم ويأتي الحسن مسرعاً حتى يلقى بنفسه في حجره صلى الله عليه وسلم فيقبله الرسول ويعانقه ويقول: "اللَّهُمَّ أَحْبِبْهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ" متفق عليه، ويخرج مرة إلى المسجد وهو حامل حسناً أو حسيناً على كتفه كما في النسائي، ويصلي مرة وهو حامل أُمامة بنت زينب، ويداعب طفلاً صغيراً حزن على عصفور له مات قائلاً له: " يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ" كما في البخاري ومسلم، بل يستأذن الغلام لأجل أن يسقي قبله أشياخ قريش وفيهم أبو بكر وعمر فيرفض الغلام، فينزل النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمره ويسقيه قبلهم، والقصة في البخاري.
وها هو عمرو بن سلمة يصلي بقومه وهو ابن ست سنين؛ لأنه كان أقرأهم، إلى غير ذلك من هدي عطر يقف المسلم أمامه إكباراً لصاحبه –صلى الله عليه وسلم-، ويدرك أن أرقى التجارب التربوية والمدارس التأهيلية في الشرق والغرب في أمس الحاجة إلى قبسة من هذا النور النبوي الكريم.


 

رد مع اقتباس