مين ما عنده طموح !!
مين ما عنده أمل ونظرة حسنة للأمام !!
بيقولوا في المثل : من جد وجد ومن زرع حصد .
أنا أؤمن وأعتقد أن طموح الإنسان لا يعني شيئاً ما لم يقدم على الخطوة الأولى . ولكنني في ذات الوقت أؤمن أن ليس كل من يعمل لطموحه ينجز . لأن نصف الحقيقة ليست في مقدار جهدك أو عملك ، وإنما فيما يصرفه الله لك من حولك .
كنت أخرج في رحلات صيد داخل البحر على ساحل جدة ، طول المركب قد يصل إلى 15 متر . الجالس عند مقدمة المركب يصطاد ، والجالس عند مؤخرة المركب لا يصطاد أي شيئ !! كلاهما وضع الجلب وأنزل والخيط في الماء ، لكن واحد صاد والآخر لا . لماذا ؟
لأن السمك الذي تحت المركب ولا نراه هو من يتوجه لكلا الجلبين ولكن بأمر من الله .
هل نستطيع أن نقول أن أحدهما كان طموحاً بينما الآخر لا ؟ أو هل نستطيع القول أن أحدهما ناجحاً بينما الآخر لا ؟
رجلان اشترى كل منهما أرضاً منذ 30 عاماً . الأول باعها اليوم بالملايين ، والآخر باعها اليوم بمئة ألف . كلاهما كان طموحاً ولا يعلم الغيب وكلاهما جد في الشراء . فهل هذا يعني أن أحدهما كان طموحاً أكثر من الآخر ؟ أو أن أحدهما كان فاشلاً ؟
مكتشف الجدول الدوري للعناصر أو مبتكري الرادارات أو سواها من الاختراعات كانوا أكثر من شخص وعلى مسافة من الأرض في ذات الوقت . إلا أن أحدهما فاز بالاكتشاف ونسب إليه الاختراع أو الابتكار ، ونُسي الآخر الذي بذل كل الجهد في عمله إلا أنه لم يحظ بالضوء . فهل هذا يعني أنه فاشل ؟
النجاح مثل الرزق ، يهبه الله لمن يشاء ، بغض النظر عن جهدك وتعبك وطول صبرك . فليس شرط النجاح أياً كان الجهد والطموح فقط ، وإنما (توفيق الله) هو حجر الزاوية الذي من دونه لا يسمى أي نجاح نجاح . الله هو من ييسر لأحد من البشر من يسهل له أموره ، والله أيضاً من يضع في طريق آخر من يصعب عليه الأمور كلها . الله هو من يجعل قيمة ما تفعل عظيماً في أعين الناس ، بينما يجعل ما يصنع آخر عديم القيمة في أعين الناس .
للأسف الكثير لا ينظر لهذا الجانب ، ويظن أنه إن بذل الجهد فلا بد ولازم أنه ينجح . ينسى أن كل الظروف المحيطة به تأتمر بأمر الله ، وكل تيسير أو تصعيب يأتي من حوله إنما هو بأمر الله . ولا بد من التوكل على الله واليقين بما قدره لنا .
وباختصار : من يعتقد أن ثمرة الجهد دائماً هو النجاح ، فهذا يعيش في عالم المثالية الوهمية . لأن النجاح هو (نعمة) من نعم الله ، وهو أعلم لمن يصرفها من عباده ، وليس للبشر دخل فيها إلا ربما ما يسمى (الخطوة الأولى) فقط .