عضو نشط
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 19595
|
تاريخ التسجيل : 03 2007
|
أخر زيارة : 26-05-2009 (07:26 AM)
|
المشاركات :
232 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
حكمك يا أبي وحكمتك ,طيشك ياأبي وجنونك ,علتك يا أبي وصحتك ,غنى نفسك وفقرك , عزتك وخوفك ,قوتك وضعفك ,جمالك وشدتك ,بأسك ورحمتك , كل عيوبك وحسناتك , تتراكض الآن بين يدي وأمام ناظري , تتخلق من جديد, تتنامى وتحيا كأنها تولد للتو والحين , ولأني لا أستطيع العودة للزمن الماضي ,لأجدك هناك , سأحضر الماضي ليعيش معي في هذه اللحظات , انظرْ الي يا أبي ,تجدني أعيش الحاضر كأنني واقف تحت نفس الصخرة ,لا أتحرك من تحتها ولا تتزحزح خواطري بعيدا عنها ,ولا تسعى للتمرد عليها او الوقوف حتى خارج ظلها وفيئها ودائرتها ,وكأن الحرية التي ملكتها بعيدا عنك ,صارت تحبب عبوديتي تحت سماء ذكراك ,وفي أزقة سيرتك وفي كهف ماضيك وماضي ,وتمتعني بالعيش معك بل العيش من جديد .
ولا تظن أني ابالغ حين أقول لك أنني اعيش بك ولك ومعك اليوم ,حتى بعد موتك المادي ,فلاتنحصر العلاقات في أجساد تتمايل , ووجوه تبتسم ,وأصوات تتطاير, وأيدي تتصافح ,ولا تتوقف العلاقات بين كائنات من لحم ودم , وليست الحياة واقعا يعاش آنيا,بل روح تسكن الدهر والعمر والزمان ,ورائحة تغمر فيوض البدن والعقل ,وتمتد في المرئي والمعقول والممكن وحتى غير الممكن والمعقول .
وهكذا تجدني أعيش حياتك السابقة ,حياتي ,حياتنا السابقة ,أو قل تلك العلاقة الغامضة بين أب كأنه قدَّ من حجر ,وابن خلق من معصية .
امضي في تلك الحياة ,أمشي فوق طرقها المغبرة وحاراتها القديمة ,وقصصها المتجددة , أشرب من حكمتك وأبوتك ومائك العذب ,واتدفأ بنار لهفتك ورقتك وهشاشتك التي عشت عمرك تخفيها, وتمارس عليَّ خديعة إظهار القوة والبأس , بينا جوانحك تضطرب , قلبك يخفق ويخفق بلا هوادة ولا رحمة ,و قد سبرتُ غورك ,ولمحت ضعفك ,بعيني ذئب مطرود , كانت عيناك تفضحانك ويداك تشاركان في كشف سرك ,حين تظهران تلك الارتعاشة الرائعة ,وأنت تحاول التمثل والتظاهر وإخفاء داخلك وإظهار قشرتك الصلبة وتغطية داخلك الرجراج اللين المدهش .
اعلمْ علم اليقين أيّها الحي الميت , الميت الحي ,أقصد , أنني صرت لفرط تعلقي بهذه اللحظة أعني لحظة رحيلك وموتك ,متعلقا بكل لحظة تشبهها ,فكلما سمعت نبأ أو نعياً تخيلتك ,وكلما شاهدت رجلا كبيرا, أحنيت كتفيّ ليتكئ عليهما, ومددت يدي ليأخذ بها , وصرت لفرط تعلقي بك, أحترم الكبار لتشبههم بك ,وأضعف أمام الأبناء لأن لهم أباء يشبهونك ,وأحنو على الأطفال لأن لهم أجدادا مثلك وأشفق على كل إنسان فربما يملك بعض صفاتك .
هاذه الكلمات واللي قبلها قالها الكاتب موسى حوامده في موقغ مبدعي العرب وهي فعلا كلمات تسطر بماء الذهب
شكرا يا اختي فاتن على هاذا النقل المتميز والله يرحم موتانا وموتى كل المسلمين
|