عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2002, 06:22 PM   #19
خالد الحربي
عضو نشط


الصورة الرمزية خالد الحربي
خالد الحربي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1342
 تاريخ التسجيل :  03 2002
 أخر زيارة : 13-02-2003 (10:44 PM)
 المشاركات : 241 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ابن عيثمين كما عرفته

وليد الطبطبائي - الكويت

لقد جاءت وفاة العلامة محمد بن صالح العيثمين لتضيف حزنًا إلى حزننا الذي لم يكد ينتهي بوفاة سلسلة من العلماء الأفاضل بينهم جهابذة لا يمكن تعويضهم، فقبل عام مضى انتقل إلى رحمة الله محدث العصر العلامة محمد ناصر الدين الألباني، وقبله الإمام الشيخ عبد العزيز بن باز، وقبلهما الشيخ المفسِّر محمد متولي الشعراوي، وبينهم تُوفِّي الأديب الشيخ علي الطنطاوي والشيخ منَّاع القطان والشيخ الزرقا وآخرون رحمهم الله جميعًا.

لا شك أن وفاة أمثال هؤلاء العلماء خسارة كبيرة ورزية عظيمة لا سيما في عصر تلاطمت فيه أمواج الفتن وكثرت فيه أسبابها، يقول المولى عز وجل: "أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها"، قال المفسرون: "ننقصها من أطرافها: موت علمائها وصلحائها"، إن وفاة أمثال هؤلاء العلماء الأجلاء يفرح أعداء الإسلام، فهم يعلمون أن المسلمين أقوياء بعلمائهم، فهم يوجِّهونهم ويرشدونهم إلى صالح دينهم ودنياهم، ويبينون للأمة ما يدبره الأعداء، وبوفاة هؤلاء يهتز السد الواقي للأمة من طوفان الشبهات والتحديات.

أما الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - فلا يمكن حصر مناقبه وفضائله، أما ما أعرف أنا شخصيًّا عن الشيخ فهو تواضعه الجم رغم علمه الغزير، وقد نذر عمره وحياته للتعليم والتدريس واحتضان التلاميذ والإنفاق عليهم، وأذكر بأن الملك خالد بن عبد العزيز عندما زاره في بيته في عنيزة، رآه في منزل قديم ومتهالك، فأمر ببناء منزل جديد وكبير للشيخ، فلم يشأ أن يرفض عطية الملك ولكنه جعل هذا البيت وقفًا على تلاميذه، فجعله سكنًا مجانيًّا لهم، ووفَّر الشيخ ابن عثيمين لهم جميع أسباب الراحة، وافتتح لهم مطعمًا داخل السكن، وفرَّغ لهم عاملاً يُعِدّ لهم الطعام في الوجبات الثلاث اليومية، كما هيأ لهم مكتبة حافلة بالمراجع والكتب النادرة والمخطوطات الأصلية، ومعها مكتبة سمعية من أشرطة لدروس الشيخ، وصالة للقراءة، وكان الشيخ يهتم بمتابعة طلابه لا سيما المغتربين منهم، فيخصص لهم مساعدات مالية لمواصلة مسيرتهم التعليمية.

لقد جاء موت العلامة ابن عثيمين؛ ليزيد حزننا حزنًا بعد عام من الحزن، وما أحسن قول الشاعر د. عبد الرحمن العشماوي:

أعام الحزن، قد كثرت
علينا هــذه الثُّــلَمُ

كأنك قد وعدت الموت
وعــدًا ليس ينفصم

فأنت تفي بوعدك وهو
يمضي مسرعـًا بهمو

نـودع هـا هنا علمًا
ويـرحل من هنا علمُ

جهابذة العلوم مضوا
فــدمع العين ينسجم


 

رد مع اقتباس