19-10-2007, 01:39 PM
|
#1
|
عضـو مُـبـدع
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 20885
|
تاريخ التسجيل : 08 2007
|
أخر زيارة : 20-08-2011 (01:36 AM)
|
المشاركات :
611 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الفنون جنون
هكذا دائما يقولون .. هكذا ينظر المرء لمن يسلك طريق الفن والإبداع .. وكثيراً ما يقع المرء في شرك التعريف بجنون المبدع .. ويفصله عن الطبيعة السائدة للمجتمع الذي يعيش فيه.. وينظر من عاصره
على أنه فاقد للعقل وقد يكون هذا المصطلح قريب جداً من الحقيقة . لأن العقل وهو ( الربط) ليس من سمات المبدع بل دائماً ما يبحث عن نقيضه وهو ( الحل والإحلال للتجديد والتطوير) فيخرج بذلك عن
المألوف بشرياً فينعته من حوله بالجنون. وما أشبه الفنان في هذه الواقعة بالرسل والأنبياء الذين جاءوا بما لا يعلمه
بشر فنعتهم البشر بالجنون ..
وبما أنني ممن حملوا هذه القريحة أو ( الوصمة) في أكثر من اتجاه إبداعي .. و شاء القدر أن أسلك طريق الفن رغماً عني أو لنقل دون سبق إصرار أو ترصد .. فأصبحت التلقائية والعفوية هي الطريق الذي أوصلني لهذه المرحلة .. فكان الشعر وكان الفن التشكيلي ..
يظن الكثير ممن لا يملكون تلك الموهبة أنه يجب على الإنسان كي يبدع أن يخرج من ذاته ومن كل
الذوات التي حوله ليصبح إبداعه ذا طابع فني محض .. فلا يهتم بالواقع ويتيه في عالم آخر غير هذا العالم .. ويجب أن
يعيش الفنان أو المبدع طقوس غير الطقوس الآدمية تحديداً كي يخرج إبداعا مميزاً .
بالطبع هناك الكثير مما سبق تتكون منه لحظة الإبداع .. ولكنها ليست بمعزل عن الحياة كما يتوهم البعض
فجنون الفنان هو في ضرب كل ما يراه من سلبيات ويدير لها ظهره ويتأمل العالم الذي يريد أن يكون
عليه .. أي محاولة إيجاد عالم أفضل وطريقة حياة أسهل و أرقى مما يعيشها العامة .. التي في أغلب الأحوال يراها
المبدع خارجة عن دائرة الحياة ذاتها فيراهم هم ( المجانين) وليس هو !!..
و لكل فنان رؤية ولكل مبدع هدف قد يختلف أو يتفق مع الواقع .. لكنه في نهاية الأمر يحاول أن يكون صورة لعالم ( افتراضي) يراه هو بوجدانه أنه العالم الأمثل ..
يكسر الفنان في ساعة إبداعه كل المقيدات لحرية تفكيره .. وينزع كل أشكال التقاليد والموروث عن كاهله .. ويبدأ في سطر اتجاه خاص به .. أملاً أن يكون قد وصل لمبتغاه في تمهيد الطريق الأمثل لحياة أفضل للبشرية .
ومن أهم ما يتميز به الفنان أو المبدع ( العفوية) وهذه العفوية هي ما أتفق على تسميتها ( الجنون) لأنه يبحث عن الصدق في الحياة فيكون صادق في وقت يلزم فيه من حوله ( الكذب) فيكون خارج عن سرب الحياة فينعت بالجنون .
يهيم في عالمه الخاص الذي يعتقده أنه عالم ( الفضيلة) باحثاً عنها ليحملها و يعيدها إلى الحياة ..
الجنون في الفن .. من وجهة نظري .. هي هذه الخاصية التي يندر أن نجدها في الإنسان العادي .. التلقائية .. و عدم
التكلف .. وعدم اهتمامه بما يدور حوله كي لا يخرجه أحد من تأملاته و ابتكاراته
الفكرية قبل أن يدونها أو يضعها على نصابها في لوحة أو جداريه أو قصاصة شعرية فيراه من حوله ( شارد الوعي)
ولكنه في حالة وعي كامل ولكن بما يدور في خلده وليس بما يدور حوله .
ولهذه الأسباب قد ينعزل المبدع عن المجتمع ويهيم مع ذاته في عالم الفكر و الرؤيا باحثاً عن إضافة جديدة تعم على (
العقلاء) نعمة جديدة تهذب منهم وتمدنهم وترقى بهم من عالمهم الذي يراه هو بالفوضوية المنظمة.
ويحاول المبدع دائماً أن يأتي بما دار في خلده واستقر وينزل بهم من فلك فكره على أرض الواقع ولأن نظرة الفنان
غالباً ما تكون تأملات في المستقبل فلا يعرفها من هم في نفس المدة الزمنية التي يعاصرها المبدع فتكون بالنسبة لهم حالة من الجنون والشرود وقد يراها العامة أنها (خرافات) .
ولا شك أن معظم الفلاسفة والعلماء القدامى الذين غيروا مجرى التاريخ كانت لديهم تلك القريحة .. وبرؤاهم تغير شكل ا
العالم وأداؤه .. بل ونستطيع بعد كل هذا أن نقول أن العالم الذي نعيشه الآن هو هذا ( الجنون) الذي تصوره يوماً ما المبدعون على مر التاريخ البشري
*************************************************
الفنان التشكيلي والشاعر
حسين راشد
|
|
|