عرض مشاركة واحدة
قديم 14-03-2009, 11:45 AM   #31
اسامه السيد
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية اسامه السيد
اسامه السيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19648
 تاريخ التسجيل :  03 2007
 أخر زيارة : 10-11-2020 (02:43 AM)
 المشاركات : 12,794 [ + ]
 التقييم :  94
لوني المفضل : Cadetblue


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةg



البداية :

يبدأ ارتباط مصر بالمسيحيه عندما فرت السيده " مريم " بالسيد " المسيح "
وهو رضيع من فلسطين هرباً من " هيرود " ملك اليهود .. يذكر ذلك انجيل متى
( ملاك الرب ظهر ليوسف فى حلم قائلاً/ قُم وخُذ الصبى وامه واهرب الى
مصر لأن هيرود مُزمع أن يطلب الصبى ليُهلكه ) وكان هيرودس قد قتل جميع
الصبيان الذين فى بيت لحم وتخومها من ابن سنتين فما دونها ..
وهكذا كانت مصر لنبى المسيحيه ملجأ وملاذاً ؛ حيث استقر فيها أكثر من سنتين
تنقل فيهما بين أماكن متفرقه فى الصحراء الشرقيه ومنطقة القاهره الحاليه
والصعيد .. ولا زالت تلك الأماكن من المزارات المباركه فى الشريعه المسيحيه .


المسيحيه فى مصر :

ويرى المؤرخون أن من يُنسب له دخولها الى مصر هو القديس "مرقس"
الذى صاحب " بولس الرسول " وبعد مقتله فى روما صاحب " بطرس الرسول "
ثم اتجه هذا القديس الى وطنه بشمال افريقيا للتبشير فيه ؛ وقدم من طريق
الصحراء الغربيه الى صعيد مصر ؛ حيث كتب انجيله ( انجيل مرقس) باللغه
اليونانيه الشعبيه لأنها كانت أقرب اللغات الى فهم الخاصه والعامه من اليهود
واليونان وأبناء مصر ؛ ثم أنشأ بالأسكندريه مدرسه لاهوتيه ومات عام 70 فى
الإسكندريه ودُفن بها ؛ الى أن سرقه أُناس من بحارة البندقيه بايطاليا فى القرن
التاسع الميلادى ..


الأناجيل :

والإنجيل كلمه يونانيه تعنى البشاره أو الخبر السعيد .. وقد تداول المسيحيون
فى القرن الأول عدد كبير من الأناجيل ؛ ثم اعتمد آباء الكنيسه أربع نسخ منها
بالإقتراع وهى أناجيل ( مرقس ؛ متى ؛ لوقا ؛ ويوحنَّا ) مع طائفه من أقوال
الرسل المدوَّنه فى العهد الجديد ..
وتتفق الآراء على أن نسختين من الأناجيل كتبهما مسيحيان لم يجتمعا بالسيد
المسيح وهما ( مرقس ) الذى كُتب عام 70م. و( لوقا ) الذى كُتب عام 80م. كما
ان انجيل ( مَتْى ) كُتب بين عامى 70 و80 م. أما انجيل يوحنَّا فيرى أكثر
الباحثين أنه مكتوب بقلم يوحنَّا تلميذ السيد المسيح وأنه أقدم الأناجيل كتابةً
حيث كُتب أولاً بالعبريه بين عامى 30و40م. ثم نُقل الى اليونانيه .. كما يرى بعض
الباحثين أن هذا الإنجيل قد حقق بالإسكندريه ؛ يظهر هذا من اسلوبه الفلسفى
الواضح والمُتغيْر الى حد ما عن الأناجيل الثلاثه الأُخرى .. وعلى هذا الإنجيل
تسير الكنيسه المصريه الى اليوم ...


المصريون والمسيحيه :

وقد دخل سكان مصر فى المسيحية ؛ وتعرضوا الى أهوال التعذيب من الحكام
الرومان ؛ وسطَّر المسيحيون قصصاً رائعه من الجهاد فى سبيل عقيدتهم فيما يُعرف حالياً باسم أدب الشهداء المسيحيين ..
ويُعد الإمبراطور الرومانى "دقلديانوس " من أبرز مُضطهدى المسيحيين فى أنحاء
الإمبراطوريه الرومانيه قاطبةً ومنها مصر ؛ حتى لقد اعتُبر العام الذى جلس فيه
هذا الإمبراطور على العرش وهو عام 84م. هو عام الشهداء المسيحيين ؛ فقد
أمر بتدمير الكنائس وإحراق الكُتب الدينيه وأعمل فى أتباع الدين المسيحى
القتل والتعذيب .. لكن هذا الإضطهاد لم يزد المسيحيين المصريين إلا إصراراً على
دينهم ؛ ودفع غيرهم من المصريين الوثنيين الى الدخول فى الدين الجديد ؛ حتى
يُقال ان مصر كانت حوالى عام 300م. بلداً وثنياً فى جوهره رغم وجود عدد كبير
من المسيحيين ؛ ثم اصبحت فى عام 330م. بلداً يدين معظم أهله بالمسيحية ..
ولما لم يؤدِ الإضطهاد والقسوة الزائده لإنتزاع المسيحيه من قلوب أتباعها ؛
أصدر الإمبراطور الرومانى " جاليريوس " الذى كان قد استبد برعاياه المسيحيين
فى قسوه بالغه مرسومه الشهير عام 311م. وهو قاب قوسين أو أدنى من الموت
مُعلناً وقف الإضطهاد ؛ ومُلتمساً من المسيحيين أن يُصَلُّوا من أجله ؛ إذ كان
يُعانى مرضاً كريهاً....
وبانفراد الإمبراطور " قسطنطين " بحكم الإمبراطوريه الرومانيه عام 324م.
دخلت المسيحيه فى العالم مرحلةً جديدةً بإعتراف " قسطنطين "بها كديانه جنباً
الى جنب مع الديانه الوثنيه ..
إلا أن انتصار المسيحيه هذا مالبث أن أُصيب بنكسه عندما تولى الحكم الإمبراطور
" يوليانوس " العاصى أو " جوليان " المُرتد ؛ حيث يُمثل عصره 361-363م. آخر
محاولة للوثنيه فى صراع الحياة أو الموت مع المسيحيه ..
فى هذا الوقت تعرَّض مسيحيو مصر للعذاب والنكال ؛ حتى أنهم قبضوا على
بطريرك الإسكندريه " جورج الكبادوكى " واثنين من مساعديه وزجوا بهم فى
السجن مكبلين بالإغلال ؛ ثم أطلقوا عليهم الوثنيين فقتلوهم ثم جروا أجسادهم
وعرضوها فى المدينه محموله على ظهر جمل ؛ ثم ألقوا بها فى البحر مع جثث
آلاف الشهداء المسيحيين المصريين ..
ثم جاء انتصار المسيحيه النهائى فى عهد الإمبراطور " ثيودوسيوس " 378-395
ميلاديه الذى أصدر أوامره بإغلاق جميع المعابد الوثنيه فى العالم كله ؛ فسارع
مسيحيو مصر بزعامة بطريرك الإسكندريه فى ذلك الوقت " ثاوفيلوس " الى
إغلاق أبواب العابد المصريه القديمه بادئين بأشهرها " السيرابيوم " حيث كان
يُعبد الإله " سيرابيس " ..


كنيسة الإسكندريه :

باستقرار المسيحيه فى العالم برزت كنيسة الإسكندريه كوارثه لعلوم مصر
وفلسفتها ؛ وصاحبة قول فصل فى المسائل اللاهوتيه ؛ وتأثير ملموس فى
فكر العالم المسيحى كله بالعديد من المذاهب والآراء المختلفه فى امور
الشريعه والإعتقاد ..



مذاهب مصريه :

من أمثلة ذلك أن البطريرك " اثناسيوس " يعد صاحب الفضل فى قانون الإيمان
المسيحى الذى اتُفِق عليه فى مجمع " نيقيا "325م. ومجمع " القسطنطينيه "
381م. والذى يتردد فى جنبات الكنائس ختى يومنا هذا مع بعض التعديلات..
وهذا القانون هو الذى نادى بمذهب " الطبيعه الواحده " للسيد المسيح ..
ومن مصر خرج أيضاً مذهب " الأريوسيَّة" فى القرن الرابع الميلادى نسبة الى
" آريوس " أحد قساوسة الإسكندريه .. وهذا المذهب قد احتل مكاناً بارزاً فى
تاريخ المسيحيه ؛ حيث رفض " آريوس " مذهب " التثليث " ونادى بـ " وحدانية
الله " وأن السيد المسيح " أسمى البشر " ..
وقد انقسم العالم المسيحى مابين مؤيد لهذا المذهب ومُنادى بـ " الوهية "
المسيح كما نادى بها " اثناسيوس " ..
ولما اشتد الجدل حول هذه الموضوعات اللاهوتيه اضطر الإمبراطور "قسطنطين"
الى عقد المجمع السكوتى الأول فى تاريخ المسيحية فى مدينة " نيقيا"325م.
لمناقشة تلك الآراء ؛ وانتهى المجمع الى نبذ مذهب "آريوس " وتأييد آراء
"اثناسيوس " ..
لكن ذلك لم يحل الخلاف ولم يقض على " الآريوسيه " ؛ بل انها شهدت فى
بداية القرن السادس الميلادى قمة انتصارها ؛ حيث انتشرت فى معظم اوروبا
ودانت بها الأُسر الحاكمه فى ايطاليا واسبانيا والمانيا ووشمال افريقيا وشمال
البلقان ؛ ثم ابتدأت فى الإنحسار بفعل المذاهب المسيحيه الأُخرى ..
كما خرج من مصر مذهب " ميليتوس " اسقف أسيوط ؛ والذى نادى بالتشدد
مع المرتدين المسيحيين الذين يريدون العوده الى المسيحيه من جديد ..
ولعل أهم ماقدمته مصر للمسيحيه هو نظام " الرهبنه " . وأول راهب مصرى
هو القديس " بولس الطيبى " من طيبه ( الأقصر حالياً ) تلك المنطقه التى كانت
تعد معقل القوميه المصريه والعبادات الكهنوتيه القديمه ..
وكانت هذه الرهبنه الفرديه مثار إعجاب الناس بها ؛ وأقبل الوافدين من أماكن
نائيه من قلب أوروبا لرؤية هؤلاء المجاهدين لأنفسهم ؛ الذين فرضوا عليها العزله فى الصحراء للتعبُّد والصلاة والدُّعاء لأنفسهم وللآخرين ..
ثم وضع " باخوم " المصرى أيضاً نظامه الجديد فى الرهبنه الجماعيه أو " الديريه
الجماعيه " . وقد أخذ العالم المسيحى كله عن مصر نظامى الرهبنه الفردى
والجماعى ؛ والأخير ذاع وانتشر فى الغرب ..


انفصال كنيسة الإسكندريه :

ولقد كان للحضاره المصريه العظيمه أثر فى كنيسة الإسكندريه ـ كما أسلفنا
القول ـ وجعل مذاهبها وآراء بطاركها وقساوستها فى الصداره ؛ حتى انه فى
مجمع " افيسوس " 431م. تمكن بطريرك الإسكندريه " كيرُلُس " من إدانة
"نسطور " بطريرك القسطنطينيه بالهرطقه لتبنيه آراء فى طبيعة السيد
الميسح تعارض آراء كنيسة الإسكندريه ..
لكن فى مجمع " خلقيدونيه " 451م. نُبذت ـ لأول مرة ـ تعاليم كنيسة الإسكندريه
واتهمت بالهرطقة وأُطلق عليها اسم " الكنيسة المونوفيزيقية " أى كنيسة
الطبيعه الواحده ؛ ولم يُسمح لرجالها بالمشاركه فى أعمال هذا المجمع ..
ومنذ هذا التاريخ انفصلت كنيسة الإسكندريه عن باقى الكنائس حتى وقتناهذا؛
وفى بعض الأحيان يُطلق على أتباعها اسم " اليعاقبه " نسبةً الى " يعقوب
البرادعى " أحد أتباع " ديوسقورس" بطريرك الإسكندريه الذى حُكم عليه
بالنفى لمقاومته قرارات مجمع "خلقيدونيه " 451م. ..
وأدى انفصال الكنيسه المصريه الى أن أصبحت معقل الوطنيه لمصر كلها فى
فترة ماقبل الفتح الإسلامى ؛ وحملت لواء مناهضة الإحتلال الرومانى لمصر
وأصبحت هى الدين والدوله فى وقت واحد ..
وكلما حاول المحتلون فرض مذهبهم على مصر ؛ كلما ازداد مسيحيو مصر
تعصُّباً لمذهبهم ؛ وازدادوا التفافاً حول كنيستهم دفاعاً عنها ...


لقاؤنا القادم مع : مصر ..تحت ظلال الإسلام ..
فشكراً للمُتابعه..


 

رد مع اقتباس