عرض مشاركة واحدة
قديم 31-01-2010, 11:38 AM   #6
انور محمود
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية انور محمود
انور محمود غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19539
 تاريخ التسجيل :  03 2007
 أخر زيارة : 12-05-2014 (09:59 AM)
 المشاركات : 421 [ + ]
 التقييم :  21
لوني المفضل : Cadetblue


أولياء الشيطان ينشرون الخوف..
إن الخوف سلاح يخدم العدو في معركتك معه.. فإذا سيطر الخوف عليك قلّت قدرتك على المقاومة.. إن الخوف من أي شيء يحقق انهزامك في داخل نفسك أمام ذلك الشيء.. وهل تستطيع الانتصار بنفس منهزمة؟
ولذا يستعين الأعداء بالطابور الخامس، لبث الخوف في أوساط الجهة الأخرى، التي يريدون الاعتداء عليها.. وهذا مظهر من مظاهر الحرب النفسية كما تسمى.
صحيح أن للخوف جذوراً راسخة في نفس الإنسان، فهو جزء من مشاعره النفسية.. ولكن الجهات المغرضة في المجتمع هي التي تنمي جذور الخوف، وتقويها لصالح الأعداء. لذلك من حقنا أن نشك في نزاهة وسلامة أي فئة تنشر الخوف في صفوف الناس.. الخوف من الأعداء.. من الاستعمار.. من الطغيان..
إن القرآن يحذرنا من وجود فئات مغرضة في المجتمع، تنشر الخوف بين الناس لصالح الأعداء.. ويصف هذه الفئات بأنهم أولياء الشيطان..
وهنا يجب أن يحتفظ المؤمنون بشجاعتهم، ويحولوا دون تسرب هذه المخاوف إلى نفوسهم، واعين بحقيقة الدور الذي يقوم به هؤلاء المثبّطون المخوّفون.. أصابع العدو وعملاؤه.
يقول تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ  فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ  إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}( ).


الخوف المفرط سمة النفاق،
والشجاعة شرط الإيمان
يتصور البعض أن أهم الفوارق بين شخصية المؤمن وشخصية غير المؤمن، هي تلك الممارسات العبادية، والعقائد الفكرية. فالمؤمن لديه اعتقادات عقلية خاصة حول الكون والحياة، ويتلزم ببعض الممارسات العبادية.. بينما غير المؤمن قد لا يعتنق مبادىء الدين، أو لا يلتزم بأحكامه..
وهذه مفارقة صحيحة، ولكن هناك مفارقات أخرى تركز عليها الآيات والنصوص، وتعتبرها هي الحد الفاصل والمميز بين الإيمان من جهة، والكفر والنفاق ممن جهة أخرى.. بل إن النصوص يظهر منها: أن العقائد والعبادات تستهدف تركيز تلك العلامات الفارقة بالدرجة الأولى، قبل أن تكون هي مقصودة بذاتها فحسب.
تلك العلامات الرئيسية الملازمة للإيمان هي انعكاسات الإيمان على نفسية الإنسان..
فالمؤمن هو ذو النفس المتكاملة السليمة.. وغير المؤمن هو من تعاني نفسيته من الشروخ والنواقص والثغرات.
فمثلاً: الخوف وهو مشكلة نفسية عندها تختلف وتفترق نفسية المؤمن عن غير المؤمن..
المؤمن الصادق والمكتمل الإيمان، لابد وان يتجاوز هذه المشكلة، ويسد ثغرتها في نفسه.. لأن الله تعالى يعتبر الخوف غير المشروع يتناقض مع الإيمان.. وشرط الإيمان هو الشجاعة..
يقول تعالى:
{فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}( ).
{يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ}( ).
{أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}( ).
أما الانهيار أمام الأعداء، والجبن والخوف المفرط لدى مواجهة الخطر، فهي صفة يصيب الله تعالى بها المنافقين. يقول عز من قائل:
{فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ}( ).
الفصل الثاني
الخوف أسبابه وجذوره

يعتقد علماء النفس أن القابلية للاستجابة للخوف، في المواقف الخطرة التي تهدد تكامل الفرد، واستمرار بقائه، خاصية موروثة في جميع الحيوانات الثديية على الأقل. ولكن نمو هذه الخاصية، وظهورها في حياة الطفل، لا يبدأ إلا بعد مرور عدة شهور من عمر الطفل.. حينما يظهر لديه إحساس فعلي بذاته وشخصيته.
فمن بداية النصف الثاني، من العام الأول، نلاحظ ظهور استجابات متمايزة، يمكن تعريفها بالخوف. إذ حوالي هذه الفترة من العمر، يظهر تميز فعلي أولي بين الذات والعالم الخارجي، مما يمكّن الطفل من إدراك التهديد الذي يقع عليه. ولكن معظم المخاوف تميل إلى أن تكون غامضة وغير محددة، وذلك لعدم وجود نضج إدراكي كامل.
ففي الشهور الأولى من عمر الطفل، لا يوجد شيء في نفسه يمكن أن نطلق عليه (خوفاً). ذلك لأنه في تلك الفترة لم يتحسس بعد ذاته.. قد يبكي من الجوع أو العطش، أو التأثر لوضع معين في جسمه.. أما حينما يدخل الستة أشهر الثانية، وتبدأ الانفعالات بالتمييز في نفسه، فسيبدأ عنده حينئذٍ الشعور بالخوف.
وعادة ما يكون هذا الشعور عند الطفل، عندما تفارقه أمه أو يواجهه منظر غريب غير مألوف، أو صوت مزعج. وترافق الإنسان مشاعر الخوف عند تحسس الخطر طوال حياته، وإلى أن يموت.

لماذا الخوف؟
الخوف حالة نفسية وميل طبيعي موجود في أعماق نفس الإنسان، بغض النظر عن الخلاف الموجود بين علماء النفس القدامى والجدد حول تحديد الخوف، هل هو غريزة أو هو ميل فطري وحاجة طبيعية.
ففي حين أن بعض علماء النفس القدامى، كانوا يتحدثون عن غريزة الخوف، نجد أن علم النفس الحديث قد أثبت أنه ليس هناك غرائز، بل ميول فطرية، أو حاجات أصلية، تقبل التعديل والتحويل والتبديل والإعلاء. فليس ثمة غريزة محدودة جامدة متصلبة، يمكن أن نطلق عليها اسم (غريزة الخوف)، بل هناك وظيفة نفسية، يضطلع بها الخوف في حياة الكائن البشري، وتلك هي حماية الذات الفردية، ضد أخطار العالمين الخارجي والداخلي، وضد كل ما قد يكون من شأنه أن يهدد سلامة الإنسان. ويعني هذا أن الخوف انفعال طبيعي، يقوم بدور حيوي هام، في صميم الحياة النفسية للوجود البشري( ).
نقول: ـ بغض النظر عن هذا الخلاف العلمي.. فإن الخوف كحالة طبيعية أودعها الله تعالى في نفس الإنسان، هو شيء مفيد لحياة الإنسان.. ذلك لأنه لولا الخوف والشعور بالخوف لما فكر الإنسان في درء الأخطار عن نفسه، وفي حماية نفسه من المصاعب والمشاكل.. وأخذ الضمانات والاحتياطات الكافية لسلامته. يقول الإمام علي : (( من خاف أمن )).( )
أنت إذا لم تكن تخاف البرد لا تستعد له. وإذا لم تكن تخاف المرض لا تستعمل الوقاية الصحية تجاهه.
إذن فمبدأ حالة الخوف لدى الإنسان شيء إيجابي، بيد أن أكثر الميول والحاجات المتأصلة لدى الإنسان، يمكن للإنسان أن يسيء استخدامها، لسبب أو لآخر. وحينئذ تنقلب ضد مصلحة الإنسان.
مثلاً: ـ الحاجة إلى الماء والطعام طبيعية عند الإنسان، وضرورية لاستمرار وجوده ونشاطه.. ولكن إذا أفرط الإنسان في الشرب والأكل أكثر من اللازم، ألا يكون ذلك ضرراً ووبالاً عليه؟
وكذلك الغريزة الجنسية، فهي حاجة ملحة، وتؤدي دوراً في استمرار الوجود البشري.. ولكن إذا أساء الإنسان استخدامها، بممارستها في غير موضعها، أو الإفراط في استخدامها فإنها ستتحول إلى شقاء وانحطاط.. أليس كذلك؟
والخوف أيضاً حاجة إيجابية أودعها الله في نفس الإنسان، كي يحمي بها ذاته، ويحافظ على سلامة وجوده..
أما إذا أفرط الإنسان في الاستجابة لمشاعر الخوف.. وترعرع في نفسه أكثر من الحد اللازم والطبيعي، فسيصبح الخوف بعبعاً يغلق على الإنسان طريق التقدم، ويحرمه السعادة، ويشل مواهبه وطاقاته..
إن الخوف إذا تجاوز حده في نفس الإنسان، تكون له انعكاسات وتأثيرات سيئة على تفكير الإنسان وجسمه أيضاً. حيث يصاب الإنسان بالارتباك، ويصبح عاجزاً عن اتخاذ قرار سليم، ويقدم نفسه نتيجة لذلك فريسة سهلة للأمر الذي تخوف منه..
وكمثال واضح على ذلك: ـ أرأيت شخصاً ماشياً في شارع تقطعه السيارات، وفجأة يجد نفسه أمام سيارة مسرعة، تقترب منه لتطحنه بعجلاتها.. وهنا يبلغ به الخوف حداً مربكاً فيقدم رجلاً ويؤخر أخرى.. لا يدري أيتراجع أم يسرع إلى الأمام؟ وهنا قد يقع في الخطر الذي كان يخشاه، نتيجة لخوفه وارتباكه، بينما لو كان هادئ النفس، لاستطاع اتخاذ قرار سريع بالرجوع، أو الركض، فينقذ نفسه من الخطر..
أما تأثير الخوف المفرط على الجسم، فيظهر في عدم قدرة الإنسان على التحكم في أعضائه، فيتلكأ في الحديث بلسانه، وتصبح نظراته غير مركزة ولا طبيعية، وقد يتصبب عرقاً، ويتغير لون وجهه.
وقد أشار القرآن الحكيم، إلى مدى التأثير الذي يتركه الخوف المفرط، حتى على مظهر الإنسان وجسمه، ضمن حديثه عن صفات وسلوك المنافقين، يقول تعالى:
{أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ}( ).

الجذور والأسباب
الخوف المفرط الذي يشل الفكر، ويرهق الجسم، ويمنع من التقدم، وتفجير الطاقات، هو المرض الذي تعاني منه الأكثرية الساحقة من الناس..
إنهم يفرطون في خوفهم من كل شيء: من الفشل، التعب، الألم، السلطة، مراكز القوة، المستقبل، الموت... إلخ.
وهذا الخوف هو المسؤول عن شل قدرات الكثيرين، وتجميد طاقاتهم وكفاءاتهم، وبالتالي فهو المسؤول عن قسط كبير من التخلف..
إنه الخوف.. ذلك الشبح الذي يلاحق النفوس حتى إن البعض يخاف من ظله ومن أطياف نومه.. ولعلك تصادف البعض ممن يقصون عليك أحلام نومهم، وهم خائفون وجلون..
إن هذه الظاهرة المرضية الخطيرة المتفشية في المجتمع هي التي تفسح المجال للاستبداد.
فالاستبداد حينما يرى الناس خائفين خاضعين، يزداد هو قوة في مقابلهم، والحال أن قوته ليست ذاتية.. وإنما تأتي من خنوع الناس وضعفهم أمامه..
ولكن ما هي الأسباب والجذور التي يتكون وينمو بسببها هذا المرض الفتاك (الخوف) المفرط في نفوس كثير من الناس؟
ترى المدرسة اللاشعورية (مدرسة التحليل النفسي)، بأن الخوف ـ كباقي الأمراض النفسية ـ ذو أسباب (جنسية)، بل وإن الخوف ـ المرضي ـ الرهاب يعود إلى الضعف الجنسي للأفراد، ودعم فرويد نظريته، بمجموعة من الأمثلة التي تنسجم مع مسلمات المنهج (الفرويدي).
ومعلوم ـ أيضاً ـ أن المرحلة الأوديبية، في عمر الطفل، تعتبر، المرحلة المركزية على صعيد الحياة النفسية كلها، وإن الخوف الشاذ ـ الرُّهاب ـ له جذوره في طفولة الإنسان، وبالذات فإن عدم قدرة بعض الأشخاص على تجاوز مشاكلهم (الأوديبية) هي التي تؤدي بهم إلى هذه الحالات. ونحن إذ، نعالج أسباب مشكلة الخوف غير الطبيعي وأسبابه، نرفض الأخذ بهذه النظرية، لأسباب عدة:
أولاً: إن هذه النظرية ثبت فشلها، بعد ظهور المدارس الأخرى، مثل المدرسة السلوكية، والمدرسة الشعورية (الفيزيولوجية) التي استطاعت أن تخطئ الكثير من مسلمات ـ التحليل النفسي ـ الفرويدي.
ثانياً: إن العامل الجنسي، الذي يلعب دور المتغير الرئيسي في المدرسة اللاشعورية، يعتبر اليوم، وضمن آخر النظريات السيكولوجية، عامل (مهم) وليس (بمحوري).
ثالثاً: إن هذه النزعة (الجنسوية) التي استند إليها التحليل النفسي، قد أفقدته القدرة على تفسير العوامل الأخرى ـ في النفس الإنسانية ـ تفسيراً علمياً، يرقى إلى المستوى المطلوب.
كذلك نحن لا نستطيع أن نقبل العلاقة بين النظرية (الفرويدية) القائلة (بجنسوية) الرهاب أو الخوف، وبين ظاهرة (الاغورافوبيا) التي هي حالة من الرهاب تكتنف الإنسان في الأماكن الوسيعة، المفتوحة؟! ربما في النظرية السلوكية (عند بافلوف) قد نجد، نوعاً من البسط والاتساع في مفهوم الظاهرة النفسية، ذلك أن الخوف هنا ليس سوى رد فعل نفسي، سببه العادة، التي قد تكون (التربية السيئة) أهمها، وتجربة (بافلوف) حول (الكلاب) جعلته يصل إلى نتائج مفيدة في حقل الأمراض النفسية.. كما وفرت إمكانيات العلاج..
وعلى أي حال، فإن مجال الدراسة النفسية، هو أوسع مما حددته المدارس النفسية الغربية، لأنها لا تفعل أكثر من استقراء النتائج من تجارب محدودة ـ إكلينيكيا ـ وفي أوساط وبيئات لها خصوصياتها الاجتماعية والنفسية والجغرافية، وبعض الشعوب أكثر خوفاً من الأخرى... والشعوب التي تعيش في البيئة الديكتاتورية، تكون أكثر عرضة ـ للرهاب ـ من التي تعيش أجواء


 

رد مع اقتباس