14-03-2010, 08:28 AM
|
#2
|
V I P
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 5696
|
تاريخ التسجيل : 02 2004
|
أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
|
المشاركات :
8,386 [
+
] |
التقييم : 87
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
((الوهم الثالث)) :
[أن المجتمع في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم كان مجتمعاً مختلطاً، ويسوقون في سبيل ذلك النصوص الدالة على حضور النساء في بعض مجامع الرجال في ذلك العهد الطاهر] ..
وهذه الطريقة في الاستدلال فيها خلط واشتباك سبّب هذا التشويش في النظر:
[أولاً]:
من جهة عدم التفريق بين النصوص الواردة قبل الأمر بالحجاب وما جاء بعده، فالقائلون بالاختلاط يسوقون النصوص من غير تمييز ، مع أن الأمر بالحجاب جاء متأخّراً وكان النساء قبل ذلك على ما كنّ عليه قبل الإسلام، فمن الضروري أن يميز النصّ فيما كان قبل آية الحجاب وفيما كان بعده، غير أن الكثيرين يسوقون النصوص ليتشبثوا بها على جواز الاختلاط بغضّ النظر عمّا يلزمهم في هذه الطريقة من لوازم شنيعة.
(خذ مثلاً): يستدلّ بعضهم على الاختلاط بدخول النبيّ صلى الله عليه وسلم على أم سليم ومنامه في بيتها وتفليتها لشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في القصة الشهيرة، وقد تكلّم العلماء عليها وحملوها على محامل كثيرة تجتمع فيها الدلائل الشرعيّة ..
لكنّ بعض الناس يسوقها ليدلل بها على الاختلاط .. ولو تأمل لعلم أن الحكم في الحديث ليس اختلاط فقط، بل خلوة ونوم في بيت أجنبية وقيام المرأة بمسّ الرجل .. فهل هذه كلّها جائزة أيضاً..؟
هنا يظهر دور العالم الفاحص الذي يجمع النصوص ليتوصّل بها للحكم الشرعي لا من ينتزع الدلائل المحققة لغايات البحث المقصود.
والأمر الثاني من الخلط في هذه النصوص: أن جميع النصوص تدلّ على اختلاط جاء لحاجة أو لعارض أو لطارئ تؤمن فيه الفتنة ولا يتصوّر فيه إثارة، وهذا الأمر لا ينازع فيه أحد ولا يقول أحد فيه شيئاً، فالمرأة تسلّم على قريبها أو تسأل المفتي أو تدخل سوقاً لحاجتها أو تدخل مسجداً لتؤدي الصلاة وكلّ هذه حالات خلطة لا إشكال فيها وهي قريبة من النصوص التي يسوقونها في مجتمع النبوّة.
[الخلاف بيننا] : هو في مجتمع (مختلط) ترتفع فيه (الكلفة) و (الحشمة) بين الرجال والنساء ليحصل اللقاء دوماً في المدارس والعمل والأعراس والمطاعم فهل كان الناس في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم كذلك؟
وكيف يكون حالهم كذلك .. والمرأة تحثّ على ترك الصلاة في المسجد، وإن أبت فتلزم بترك التزين والتطيب وتتوعّد عليه، وتحثّ على ترك الاقتراب من الرجال وهي وهم في صلاة في المسجد جماعة، ويضع النبيّ صلى الله عليه وسلم للنساء باباً خاصّاً وينهى الرجال عن الدخول منه، ويأمر الرجال أن يمكثوا قليلاً بعد الصلاة لينصرف النساء ..
وهذه الاحتياطات في [العبادات الجماعيّة التي تقام في بيوت الله ] وليس في [مقاعد السينما ونوادي الرياضة]؟
إن النصوص التي يسوقونها -لو تأملوا- دليل عليهم؛ لأنها تدلّ على أن الاختلاط كان عارضاً وطارئاً لأجل ذلك احتاجوا لجمع الأدلة عليه، ولو أن الاختلاط هو الأصل والسائد لأصبح معلوماً بالضرورة من غير حاجة لمثل هذا الحشد، فلستَ بحاجة لأن تعلم أن الرجال في عصر النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون في المسجد ويسلمون على بعض وينامون في بيوتهم ويتزوجون ويأكلون لأن هذا من الأمور الظاهرة المشتهرة، فلو كان ثمة اجتماع دائم بين الرجال والنساء لكان من المعلوم الذي يتناهى علمه إلى الجميع لا أن يتوصّل إليه من خلال حشد النصوص من قبيل (دخلت امرأة فسلمت) و (قالت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ) ونحو هذه الدلائل.
خاتمة القول :
إن الاختلاط (وهمٌ) وقع فيه بعض الفضلاء لتأويل واجتهاد يعذرون فيه، ويقبل منهم أكثر حين نعلم أنهم درجوا في بيئات مختلطة فلم يكن قولهم بجواز الاختلاط أثراً في نشر الفساد والانحراف، بل كان سيكون لقولهم بمراعاة الضوابط الشرعيّة دوراً إيجابيّاً في تخفيف الشرّ الحاصل من غلواء هذا الاختلاط.
وأما إشاعة القول في مجتمعات محافظة سليمة من الاختلاط وآثاره، قد رفضه المجتمع ديانة ونخوة وحمية وعادة، فهو (همّ) يقلق بعض الناس يصبح معهم وينام ويستميتون في الترويج له ، وهي لوثة فكرية تستر نفسها بعباءة فقهية، فالفقيه غيور على حرمات الناس ثائر في وجه المنكرات وألوان الفساد وليس عجلة في قطار الزجّ بمجتمعات المسلمين في متاهات الكهوف المظلمة بالفساد والريبة.
لا زلت غير قادر على فهم من يدّعي (المسلك) و (الخلاف الفقهي) في هذه المسألة، حين يسطّر عشرات المقالات بجهادٍ متواصل لاستحثاث الخطى لفكّ قيود الاختلاط بينما لا يجود قلمه بنقطة حبر عن الاختلاط (الآثم) الموجود في كثير من المجامع مما يسلّم بحرمته إبليس، بل إنّ الإنكار على صور الاختلاط فيها يجعل ذلك الشخص يتذّكر مسألة الاختلاط المباح المحتشم..
فهل هذا كلّه مجرّد خلافٍ فرعيّ وتَقَفٍٍّ لجواد الفقهاء؟
أ / فهد بن صالح العجلان
|
|
|