عرض مشاركة واحدة
قديم 05-06-2010, 09:08 PM   #1
نوآف
عضو نشط


الصورة الرمزية نوآف
نوآف غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 30623
 تاريخ التسجيل :  06 2010
 أخر زيارة : 15-07-2011 (04:36 AM)
 المشاركات : 80 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
Icon1 موضوع يستحق التثبيت ..؟ عــن سورهـ الانشرآح



"ملخّص"

نزلت السورة في ظروف الشدّة والعسر، ويعيش المؤمنون اليوم في كثير من البقاع ظروفا مشابهة. وفي السورة دروس هامة أولها: شرح الصدر.. شرح الصدر في العمل، وشرح الصدر في المعرفة. ومفتاح شرح الصدر الصبر والصلاة. والدرس الثاني أن العسر ينتهي الى اليسر حتماً، والعسر سنة دائمة، واليسر سنة مشروطة بالتقوى والتصديق والعطاء. والدرس الثالث: مكافحة حالة الاسترخاء والتراخي في العمل. والدرس الرابع توجيه الحركة والعمل الدائم الى اللّه سبحانه وتعالى دون سواه.



(ألم نشرح لك صدرك. ووضعنا عنك وزرك. الذي أنقض ظهرك. ورفعنا لك ذكرك. فإنّ مع العسر يُسراً. إنّ مع العُسرِ يُسراً. فإذا فرغت فانصب. والى ربّكَ فأرغب).



ظرف نزول السورة

نزلت هذه السورة في ظروف الشّدة والعسر في مكة في الفترة الصعبة التي كان رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) والصحابه يَلقون فيها ألوان الاضطهاد والأذى على أيدي عتاة قريش.

في هذه الظروف نزلت هذه السورة على رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) بأربعة دروس، وأيَّة أربعة وهي دروس ضرورية، لابد منها للعاملين، في أي زمان، ومن دون هذه الدروس لا يمكن أن يواصل المؤمنون عملهم في الدعوة الى اللّه.



وهذه الدروس هي:

1- شرح الصدر، 2- الأمل، 3- المقاومة، 4-- الذكر والارتباط باللّه .

ويعيش الدعاة الى الله اليوم في كثير من أقطار العالم الاسلامي ظروفاً مشابهة للتي عاشها الرعيل الأول من المسلمين بصحبة رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) في مكة، ولذلك تبقى سورة "ألم نشرح" حاجة حقيقية قائمة للعاملين في سبيل اللّه في عصرنا يحتاجون الى استيعاب دورسها.

واستيعاب هذه الدروس والالتزام بها يمكّن الانسان من مواصلة الطريق الى نهايته وتجاوز العقبات الكثيرة الموجودة على هذا الطريق في ظروف غربة الاسلام ومحنته، كما كان سلفنا يحتاجها في مكة في الايام الاولى من ميلاد الرسالة .

الدرس الأول: شرح الصدر

وأول هذه الدروس شرح الصدر.

وهو في مقابل ضيق الصدر. ومن خلال هذا التقابل نستطيع أن نفهم معنى شرح الصدر.

الصدر الضيقة هو الذي لا يستوعب هموم العمل ومتاعب المواجهة، فتطفح عليها المتاعب وهموم العمل، وتتحول الى "الجزع" و"التعب" و"اليأس".

وأما الصدور التي يشرحها اللّه تعالى فإنها تستوعب المشاكل والهموم والمتاعب، وتتحول فيها الى الصبر والمقاومة، والاستعانة باللّه.

ومثل الصدور التي يشرحها اللّه كالبحر، لا يلوّثه شيء مما يلقى فيه من القذارة، أما الساحات الراكدة والمحدودة من الماء فإنَّها سرعان ما تلوّثها الاقذار وتطفح عليها، وتغير لونها وطعمها ورائحتها.. والفرق سعة الاناء وضيق الاناء.

وكذلك الصدور الواسعة التي شرحها اللّه، لا تضيق بهموم العمل ومتاعبه، ومهما واجه صاحبها من المشاكل والمتاعب والهموم استوعبتها وتجاوزتها.

بخلاف الصدور الضيّقة، التي تضيق بالقليل من الهموم والمتاعب، وتطفح عليها، فتجزع، وتتعب، وتيأس، والانهيار والتراجع والخذلان النتيجة الطبيعية لهذا الضيق، كما إنَّ الصبر، والمقاومة، وذكر اللّه، والتوكل على اللّه هو النتيجة الطبيعية للصدور الواسعة الى شرحها اللّه.

إذن; الصدور وعاء شخصية الانسان، وهي على طائفتين:

الصدور الواسعة الى شرحها اللّه.

والصدور الضيقة الحرجة.

في الصدور الواسعة تتحول الهموم والمتاعب الى الصبر والذكر، وفي الصدور الضية تتحول الهموم والمتاعب الى الجزع والسقوط.

في الصدور الواسعة تتحول الاساءة الى الحلم والعفو.

وفي الصدور الضيقة تتحول الاساءة الى الانفعال والغضب والانتقام .

وفي الصدور الواسعة تتحول الفتن والمغريات الى التقوى.

وفي الصدور الضيقة تتحول الفتن والمغريات الى الانزلاق والى الأثم .

وفي الصدور الواسعة يتحول الرزق والنعمة الى الشكر.

وفي الصدور الضيقة يتحول الرزق والنعمة الى السكر (سُكر النعمة) والطغيان.

وفي الصدور الواسعة تتحول المصيبة الى الصبر.

وفي الصدور الضيقة تتحول الى الجزع.

وفي الصدور الواسعة يتحول العلم والموقع الى التواضع.

وفي الصدور الضيقة يتحول العلم والموقع الى الغرور.



شرح الصدر في العمل

وأوّل ما يحتاجه الدعاة الى اللّه في ساحة العمل هو شرح الصدر.

ولقد بعث اللّه تعالى رسول وكليمه الى بني إسرائيل وفرعون ليدعوهم الى اللّه.. فلم يطلب موسى بن عمران (عليه السلام)، مالا ولا سلطان، ولا قوة من عند اللّه، لينهض بهذه المهمة الصعبة، وإنما سأل اللّه تعالى أن يرزقه شرح الصدر وتيسير الامر، فقال:

(رب اشرح لي صدري. ويسّر لي أمري) (1).

وقدم شرح الصدر على تيسير الأمر.

إن الذي يحتاجه الدعاة الى اللّه على طريق ذات الشوكة أمران:

1- مضاعفة التحمّل 2- وتخفيف الحمل.

وكلاهما سأل اللّه تعالى موسى بن عمران في بداية المهمّة، ولكنّه يقدم السؤال الاول على السؤال الثاني، ويطلب من اللّه تعالى أن يضاعف تحمله أولاً، ثم يطلب من اللّه أن يخفف له الحمل (رب اشرح لي صدرى ويسر لي أمري).

وفي بدايات الدعوة، أيام الشدّة والضيق كان أوّل ما منَّ اللّه به على عبده ورسوله(صلى الله عليه وآله) هو شرح الصدر (ألم نشرح لك صدرك).

وإن ساحة العمل وطريق ذات الشوكة صعب، ولولا إسناد اللّه تعالى ودعمه وتطمينه لنفوس أنبيائه وعباده الصالحين لضاقت صدورهم مما يلاقون .

يقول تعالى، مخاطنا رسوله: (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون) (2).

ولكن اللّه تعالى يؤيد أنبياءه مرتين:

يشرح صدورهم، ويزيد ويضاعف في تحملهم أولاً ثم يرفع عنهم الحمل، ويضع عنهم ثقل العمل ثانياً.

(ألم نشرح لك صدرك. ووضعنا عنك وزرك. الذي أنقض ظهرك) .

ويأمر اللّه تعالى نبيه(صلى الله عليه وآله) أن يصبر ويوسّع صدره لما يلاقي من قومه، ولا يجزع، ولا يفقد صبره - كما ضاق صدر العبد الصالح أيوب (عليه السلام)من قبله بما لاقاه من قومه.(فاصبر لحكم ربك. ولا تكن كصاحب الحوت) (3).



العلاقات التبادلية بين الصدور وساحات العمل

ومن عجب أن شرح الصدر هو أول متطلبات العمل - كما قلنا قبل قليل، ولا يمكن الانسان أن يدخل ساحة العمل من غير شرح الصدر.. وفي نفس الوقت لا يُزود اللّه الانسان بشرح الصدر إلا في ساحة العمل. فليس يكتسب الانسان شرح الصدر في عُقر بيته، وفي أيام العافية واليسر، وإنما يكتسب شرح الصدر في ساحة المواجهة، وفي أيام الشدَّة والضيق. وبين شرح الصدر وساحة العمل علاقة تبادلية "جدليّة"، وهي واحده من سنن اللّه تعالى في ساحات المواجهة وأيام العسر والشدّة.

(ووضعنا عنك وزرك)، ثم بعد ذلك يمن اللّه تعالى على رسوله أنه: وضع عنه وزره (حمله الذي أثقل ظهره).

والوزر، هنا، الثقل، وهو ثقل العمل والرسالة الذي كاد أن يُنقضُ ظهر رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) لولا تأييد اللّه تعالى وإسناده.

وتفسير "الوزر" بالذنب، أو كما يقول بعضهم تفسير بالنبوة، ولاذوق، والذي يناسب شرح الصدر هو تخفيف الحمل، كما في دعاء موسى بن عمران(عليه السلام).

ومعنى "وضع الوزر" تخفيف الحمل بالإسناد والتأييد، وقد قاتل الملائكة دون رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) في معركة بدر ودافعوا عنه، وأنزل اللّه عليهم المطر، وكانت الارض التي عليها المسلمون يومئذ رمليّة فتلبدت، والارض التي عليها المشركون طينية فتطيّنت وتزلقت بهم، وقد شقّ اللّه تعالى البحر لموسى(عليه السلام)فاجتاز هو وبنو إسرائيل البحر، فلّما دخله فرعون وجنده رجعت المياه الى حالها فغرقوا في البحر. ولقد أهلك اللّه قوم عاد وثمود وقوم لوط ودَمَّر ديارهم تدميراً. واللّه تعالى يقول (وإن اللّه لمع المحسنين). يرفع عنهم ثقل العمل، ويضع عنهم عبء الرسالة، ويخفّف عنهم متاعب الطريق، وينصرهم، ويهلك أعداءهم، وليس يكلهم الى أنفسهم في ساحة المواجهة والصراع، وهذا هو قوله (ووضعنا عنك وزرك) والله أعلم ببصائر كتابه.
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس