عرض مشاركة واحدة
قديم 29-07-2010, 08:29 PM   #2
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


يتبع

خامسا
الخوف من المشاكل

الخوف من المشاكل
كثير من الناس يتمنون أن يعيشوا حياة مريحة، يريدون أن تكون الورود تفرش طريقهم دائماً، وأن تكون حياتهم حياة رخاء وهدوء وسلام، ولذلك يتهيبون تصور لحظات المشكلة، ولحظات الصعوبة، لا يريدون مواجهة صعوبة في حياتهم.
هناك عادة لطيفة كانت تمارسها القبائل العربية في الماضي، حيث نجد كثيراً منهم كانوا يبعثون أولادهم ليتربوا في الصحراء، يدفعون الولد إلى أحدى القبائل البدوية ليتربى عندهم، وفلسفة ذلك أن يعيش حياة الخشونة، ويعاني المصاعب، لتكون نفسيته قادرة على المواجهة والمعاناة.
الإنسان يجب أن يعرف أن المشاكل والمصاعب شيء طبيعي في الحياة، كما يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاَقِيهِ}(). ويقول أيضاً: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}() أي في معاناة، والحياة التي ليس فيها صعوبات، وليس فيها مشاكل، ليست هنا في الدنيا، إنها هناك في الدار الآخرة، إن الصعوبات والمشاكل والآلام هي طريق المجد والتقدم.
يقول الشاعر:

ومن لم يحاول صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر

فكل قرين بالمقارب يقتدي



والآلام والمشاكل ضريبة طبيعية يدفعها الإنسان الذي يريد التقدم، وكما قيل:
ومن طلب العلا، سهر الليالي.

-----------------------
سادسا

الخوف من الموت

الخوف من الموت
هذا هو أكبر المخاوف في حياة الإنسان، بل قد يقال إنه سبب جميع التخوفات، ولكن لماذا يخاف الإنسان من الموت مادام الموت مصيراً طبيعياً لجميع المخلوقات؟
يخاف الإنسان من الموت للأسباب التالية:
أولاً: إنهاء وجود الإنسان في هذه الحياة..
فللحياة جاذبيتها القوية، التي تشد الإنسان إليها شداً وثيقاً.. وله فيها ارتباطات عديدة، تجعل تشبثه بها متيناً ثابتاً.. وفي الحياة لذات وشهوات، ومصالح تفرض نفوذها وسيطرتها على نفس الإنسان..
والملاحظ أن عجز الإنسان أو ابتعاده ولو كان مؤقتاً عن شيء من لذات الحياة ومصالحها، يؤلم الإنسان ويقلقه ويؤذيه.. ففراق الأهل والأصدقاء، وقلة توفر الطعام والشراب، وفقدان المال والمكاسب أو الامتيازات، أشياء مزعجة ومؤذية للإنسان، ولو كانت لفترة محدودة... فكيف والموت ينسف كل هذه الأمور؟ ويلغي إرتباط الإنسان بها بشكل كامل ونهائي؟!
يقول الإمام علي D: ((*واعلموا أنه ليس من شيء إلاّ ويكاد صاحبه يشبع منه ويمله إلا الحياة فإنه لا يجد في الموت راحة*)).()
ثانياً: العجز عن المواجهة..
قد يستطيع الإنسان مقاومة سائر المخاوف، والإفلات والهرب من كثير من الأخطار، ولكنه لا يمتلك ذرة من القدرة على مواجهة الموت، أو الفرار منه، إنه عدو قاهر، لابد أن يرفع الإنسان أمامه راية الاستسلام والهزيمة..
إن الله تعالى يتحدى عباده بالموت، ليذكرهم بحجمهم الحقيقي الضعيف المتلاشي، تجاه الهيمنة والقدرة الإلهية يقول تعالى:
{قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}().
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}().
{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}().
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}().
{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ! وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ}().
فليس هناك في الدنيا منطقة لا يصل إليها الموت، وإلاّ لسافر إليها وقطنها كل البشر ولا يفيد أي طبيب أو علاج أو دواء عند نزول الموت. كما لا
-------------------------------------------------------------------------------------------
سابعا
كيف ننتصر على الخوف

سُبل الانتصار على الخوف
الخوف كابوس مرعب ثقيل، يجثم على نفس الإنسان، فيحرمه لذة الأمن والاطمئنان.. ويعرقل حركة تقدمه ونشاطه.. ويمنع طاقاته ومواهبه من النمو والعطاء..
ومن يعيش تحت سيطرة كابوس الخوف، تتحول حياته إلى رعب وشقاء دائم.. يتمنى لو تخلص منه وتحرر من هيمنته..
ورغم أن كل من يعاني من رعب الخوف يتمنى التحرر منه، والتخلص من شقائه، إلا أن البعض يفقد الأمل في قدرته على ذلك، ويتصور أن الخوف جزء لا يتجزأ من نفسه وكيانه، وأنه لا يستطيع أن لا يخاف، ولا يمتلك القدرة على ممارسة الشجاعة والإقدام..
وهذا تصور خاطئ جداً، وبعيد عن الصواب..
فصحيح أن للخوف جذوراً عميقة في أعماق نفس الإنسان لا يمكن انتزاعها.. وأنه حاجة فطرية، وميل طبيعي، أودعه الله في النفس.. ولكن الصحيح أيضاً أن الإنسان قادر على التحكم في تلك الحاجة، والسيطرة على ذلك الميل..
فالخوف صفة نفسية قابلة للتعديل والتوجيه والتحديد.. وبإمكان الإنسان أن يكبح جماح الخوف، ويوقفه عند الحد الأدنى، الذي تقتضيه طبيعته وحياته، كما يستطيع أن يُطلق له العنان لينمو ويتغلب على جميع قواه ومشاعره..
والإنسان هو الذي يمتلك حق توجيه الخوف في نفسه وحياته، فيجبن ويخاف ساعة يشاء الخوف والجبن، ويتمرد ويقدم بشجاعة حينما تقرر إرادته ذلك..
وتلعب الأجواء التي يعيش فيها الإنسان، والظروف المحيطة به، دوراً مساعداً لترجيح إحدى الكفتين.. إذن فلسنا مجبرين على الخضوع لسيطرة الخوف على نفوسنا.. وبإمكاننا مقاومته، والتخلص منه، في الحدود التي نريدها، ولكن ما هي العوامل المساعدة والنافعة لمقاومة الخوف والتحرر من هيمنته الكاملة؟.
يمكننا الحديث عن العوامل التالية، والتي تؤكد التعاليم الدينية، وعلم النفس الحديث، والتجارب العملية، على تأثير هذه العوامل، وقدرتها على مساعدة الإنسان للتخلص والتغلب على حاجز الخوف..
----------------------


 

رد مع اقتباس